أخبار وطنية لماذا فاز الباجي ومن صوّت لفائدته؟
-
-
بقلم: محمد المنصف بن مراد
بعد أن أعلنت الهيئة العليا للانتخابات فوزالسيد الباجي قايد السبسي على السيد المنصف المرزوقي بـ1.731.529 مقابل 13.785.513 صوت (55،68 ٪ ـ 44،32 ٪) يمكن التأكيد أنّ من صوّتوا لفائدة أول رئيس منتخب من قبل الشعب بطريقة ديمقراطيّة هم من اقتنعوا بخصال مرشّحهم ذي الشخصيّة القويّة والتجربة الطويلة، فقد كان «الأب» الحامي من التطرّف ومن التهديدات التي تستهدف الديمقراطيّة والنساء والمبدعين..
كان الباجي «مظلة» تحمي من حريق الظلامية والتطرّف إضافة إلى أحزاب المعارضة والرباعي الراعي للحوار ونساء تونس ونخبها، كما كان رجل الوسطيّة وصاحب المواقف الثّابتة ضد المشروع الانتقامي والعنيف الذي يرفضه عموم التونسيين.. ورغم ما عرفته الحملة الانتخابيّة من مشاحنات نجح «بجبوج» في مهمّته وفاز على المرزوقي بفارق 350.000صوت أي بنسبة 11،36 ٪.. لقد كانت معركة انتخابيّة شرسة بين قطب وسطي ديمقراطي وتقدّمي وقطب جمع أنصار النهضة وأغلب المتطرّفين وفئات تعتبر انّ للأوصياء على الدّين دورا أساسيا في تصريف شؤون البلاد!
لقد ساند الباجي عدد هام من الأحزاب مثل الاتحاد الوطني الحرّ الذي يرأسه السيد سليم الرياحي الذي أحرز على 181.407 صوت في الدّور الأول من الانتخابات الرئاسيّة والذي وضع كلّ أنصاره على ذمّة الباجي، كما صوّت لفائدته أنصار حزب «آفاق» الذي يرأسه السيد ياسين ابراهيم والذي أحرز على 101.977 في التشريعيّة، كما حظي سي الباجي بأصوات من أنصار الجبهة الشعبيّة الذي حصل مرشّحها حمّة الهمامي على 255.529 في الدور الأول من الانتخابات الرئاسيّة.
وإذا جمعنا أصوات الجبهة وآفاق والاتحاد الوطني الحر والدساترة والوسطيين والتي تناهز 555.000 صوت يمكن القول انّ أكثر من 100.000 ناخب لم يصوّتوا لفائدة الباجي في حين أنّ 450.000 من أنصار هذه الأحزاب صوّتوا لفائدته، والثابت أنّ جبهة وسطيّة ديمقراطيّة تكوّنت لتتصدى للسيد المنصف المرزوقي لأسباب سياسيّة وحضارية. كما أفادت الاحصائيّات انّ 60 ٪ من الإناث صوّتن لفائدة الباجي خوفا من التطرّف الدّيني الذي يهدّد مكاسب المرأة في حين أنّ النّاخبين الكهول فما فوق الستين سنة ساندوا السبسي بأعداد غفيرة وذلك لتعلّقهم بالرئيس بورقيبة وحرصهم على استقرار البلاد.. وجغرافيا، فانّ الشمال والوسط والولايات السّاحلية ساندت مرشّح نداء تونس في حين حظي المرزوقي بما يناهز 75 ٪ من أصوات الجنوب!
أما الرئيس المؤقت الذي سانده خاصّة أنصار النهضة فقد قفز من 1.092.418 صوت في الدور الأول الى 1.378.513 في الدّور الثاني اي انه أحرز على 286.095 صوت إضافي وأغلب هذه الأصوات من النهضة وحزب المحبّة للسيد الهاشمي الحامدي الذي أحرز على 187.923 في الدور الأول من الرئاسيّة ومحمد الكيلاني الذي أحرز على 10.770 صوت، وربما صوّت له بعض الموالين للتكتلّ والجمهوري كردّة فعل انتقاميّة ضدّ النداء والتجمّعيين وكذلك عدد من الشبان...
وممّا لا يرقى إليه أيّ شكّ هو انّ شبكات النهضة والمجموعات العنيفة لعبت دورا «فعّالا» في استقطاب عدد من النّاخبين ممّن لم يشاركوا في الدور الأول للرئاسيّة.. انّ من صوّت لفائدة المرزوقي هم مواطنون محترمون يعتقدون انّ للدين دورا هامّا في المجتمع وفي السياسة، كما ان عددا آخر مقتنع بأنّ انتخاب السيد المرزوقي سيمنع رجوع التجمّعيين وسيقطع الطريق على التغوّل.
ومهما يكن من أمر فانّ الشعب التونسي شعب واحد ولقد أثبت انّه أنضج شعب عربي على مستوى الممارسة الديمقراطيّة، فلأوّل مرّة يرتقي رئيس عربي الى سدّة الحكم بفضل الإرادة الشعبيّة أي دون تزوير أو تزييف أو تلاعب بالعمليّة الانتخابيّة، وهذا إنجاز تاريخي من حقّنا أن نعتزّ به ونفاخر. نرجو أن يؤدي فوز الباجي قايد السبسي إلى توحد التونسيين، فالشعب المنقسم يصبح فريسة سهلة للإرهاب والعنف.
-
-